انطلقت أول أمس أشغال تهيئة ملعب الكركرات، بعد عام سيصبح لهذا المركز الحدودي ملعب بعشب اصطناعي من الجيل الجديد. قال عبد المالك أبرون بصفته ممثلا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الذي ناب عن فوزي لقجع في هذا اللقاء، إن الجامعة تنخرط فعليا في جهود إعمار هذا المعبر الحدودي. وتبني ملعبا كامل الأوصاف، لإيمانها بأن الكرة قادرة على زرع الروح في الفضاءات حتى المقفرة منها.
من بنى ملعبا أغلق سجنا وفتح جسرا نحو النجومية، وفك العزلة عن المناطق البعيدة التي كان تدشين ملعب فيها إلى زمن قريب مجرد ترف.
كلما دارت الكرة حول نفسها، إلا ومارست على الناس جاذبيتها، لذا باتت الملاعب أولوية في التنمية الاجتماعية، وأضحت المستديرة المحشوة بالهواء معشوقة الجميع يتناطحون من أجلها حين تحلق في الهواء، ويمارسون عليها كل أشكال الرفس والتنكيل، بكل جسارة بحثا عن متعة الانتصار.
تصنع الكرة في وجدان الناس ما لا يصنعه كائن في حجمها، لهذا بات إنشاء ملعب أولوية كالمدرسة والمسجد والماء والإنارة والأمن، لأنها تصنع السلم الاجتماعي وتمنح الناس موضوعا لسجال حول الكرة يبدأ فلا ينتهي.
الكرة اليوم ليست حكرا على المغرب النافع، فكثير من القرى النائية اكتسبت شهرتها من فريق لكرة القدم، أو عداء يطوي المسافات أو بطل مغوار يعيد ترتيب الخريطة.
غدا سيصبح للكركرات ملعب فيه عشب ومدرجات ومنصة وغرف ملابس. فضاء للكرة يخلق الرواج الكروي في نقطة حدودية فيها رواج اقتصادي. سيحمل الملعب اسما وستنحر في عقيقته الإبل والجمال.
غدا سيصبح لهذا التجمع البشري فريق ومدرب ورئيس وجمهور، وحين يشتد عوده سيؤسس فصيل إلتراس وسينظم الدوري السنوي للكركرات التي ستتخلص من صفتها كنقطة عبور فتصبح نقطة استقرار.
اقترح أحد الفاعلين الرياضيين إطلاق اسم الجيلالي مكودي على الملعب حين يكتمل البناء، لأن هذا العبدي الأصول، قد قضى حوالي ربع قرن محتجزا في مخيمات تيندوف، من شدة الوجع لم يعد الألم لديه مرادفا للنكد، بسبب طول مدة الاعتقال تكسرت عقارب الساعة وتمزق رزنامة الأيام ولم يعد للزمن حسبان.
اختطف هذا العسكري من طرف البوليساريو، وحين سقط في كمين قال في قرارة نفسه بلغة لكوايرية: إنها حالة شرود، وآمن بالهزيمة وأضحى عرضة لركلات الجزاء من أقدام حراس أشداء لطالما عبثوا بجسده، في معتقل رهيب لا وجود فيه لحكم ولا قانون ولا حفنة كرامة.
يستحق الجيلالي أن يخلد اسمه في ملعب بمنطقة حدودية تربط المغرب بموريتانيا، منطقة أراد لها خصوم وحدتنا الترابية أن تظل منزوعة الكرامة، لكن في مثل هذه المواقف تذكر أن الكرة وحدها تغير القواعد وتجعل أمامك خصما وخلفك حارسا وبينكما حكم، في ما يشبه جلسات فض المنازعات.
منذ سنة 1994، أغلق المعبر الحدودي الشرقي زوج بغال، ولم يعد بالإمكان التنقل برا بين المغرب والجزائر، توقفت الحركة وقلت البركة، وأصبحت نقطة العبور تحت رحمة العراء الآمن، وحدها الكرة قادرة على بعث الروح في الحدود.
لكن قمة السخرية ومنتهاها، أن تقرأ في صحيفة جزائرية خبر تنظيم «ماراتون الكركرات» الذي ستكون انطلاقته من المعبر في اتجاه امهيريز، دون تحديد التاريخ، حسب بلاغ يبدو أن كاتبه يعاني من مضاعفات حقنة لقاح عسكري.
سيكون من العبث الحديث عن نشاط رياضي في منطقة لا تملك منها شبرا، إلا إذا كان المنظمون يبحثون عن دروع بشرية قابلة للاصطياد من طرف القوات المسلحة الملكية المغربية المرابطة في هذا المعبر التجاري، فالعلاج بالبلاغات عادة قديمة للبوليساريو وراعيه الرسمي الجزائر، وهو مخدر موضعي يؤجل الألم ولا يلغيه، لأنه في نهاية المطاف يصنع جارا برتبة حاقد.
حسن البصري/ الأخبار
تعليقات الزوار ( 0 )