كتب حسن البصري:
استعد «سيمو» للاحتفال بفوز فريقه الرجاء الرياضي بلقب البطولة، لف جسده باللون الأخضر وظل يردد «بطولة حلال» في رده على كل من شكك في اللقب.
كانت منطقة البرنوصي، أحد أبرز معاقل «إلتراس» الرجاء، تستعد بدورها للاحتفال، وكانت القوات الأمنية في أقصى درجات الاستنفار، وحدها صافرات رجال الشرطة وتسريبات منفلتة من «تالكي وولكي» تكشف حجم الاستنفار.
في مثل هذه الاحتفالات، تتعطل لغة الكلام وتصبح أهازيج «الإلتراس» وتعليمات النواة الصلبة للفصيل أساس الحكم، فيما يقدم «كابو» المجموعة آخر إبداعاته التي يتماهى معها مشجعون مهووسون بالولاء للأخضر.
فجأة توقف الحفل إثر مصرع مشجع رجاوي شاب جراء طعنة غادرة وعدل كثير من المشجعين عن الاحتفال.
صدر بلاغ لمجموعة «الإلتراس» يعترف بوجود انفلات وبأن الاحتفال باللقب «زاغ عن مساره في بعض الأماكن».
وقبل أن تنسحب سيارات الإسعاف من مسرح الجريمة، أعلنت «كورفا سود» عن «منع أي احتفال بلقب البطولة والتركيز على مقابلة نصف نهائي كأس العرش».
لم يكن أحد يعتقد أن المشجع الرجاوي سيلقى حتفه جراء طعنة غادرة، وهو يحتفل، عشية الخميس الماضي، مع رفاقه المشجعين الرجاويين بلقب الدوري المغربي، ولم يكن أحد يتوقع أن يتم هدم «الحفلة» بضربة غادرة في زحمة الفرح باللقب.
توقفت الطبول وابتلع الشعراء ألسنتهم، وتفرق الجمع بعد أن تحول العرس إلى مشاهد مقتطعة من أفلام شرير الشاشة العربية محمود لمليجي.
سارعت التشكيلات الأمنية إلى ملاحقة المتورطين والبحث في زحمة الحفل عن قاتل أصر على قتل الفرحة واستبدالها بالدم والدموع.
عدل كثير من الرجاويين عن الاحتفال فغيروا وجهتهم وتخلصوا من لباس الحفل الأخضر، حتى لا يصبحوا صيدا ثمينا لخصومهم ولرجال الأمن الذين يلاحقون كل من يركض بلا اتجاه.
نقلت هواتف قيادة «الإلتراس» تفاصيل مذبحة البرنوصي، وأعلنت وقف الأناشيد، بينما كون بعض الشبان المسكونين بعشق الرجاء خلية أزمة ودخلوا حالة استنفار، في الوقت الذي شرع أصحاب المحلات في إغلاق مصادر رزقهم خوفا من مذبحة جديدة، خاصة وأن البرنوصي شهد في الآونة الأخيرة فاجعة دم أخرى مازالت آثار الجريمة بادية على الحيطان.
كان الشبان يمنون النفس بأمسية احتفالية تمسح نكد بطولة مستقطعة، وعلى امتداد الطريق دخلوا في مناوشات مع وداديين حسمتها السرعة النهائية لدراجاتهم الصاخبة، وصل الرفاق إلى مكان الحفل فاحتلوا البرنوصي. هاجمت سيارة ناقصة عقل ودين تجمع الخضر وكادت تسبب فاجعة لولا الألطاف الربانية. هرب السائق وطارده شبان يرددون «راه راه والغوت وراه»، فتحول من مجرم حرب إلى مجرد سارق، تفرق الجمع بعد أن تبنى فصيل مناوئ مسؤوليته عن الحادث.
على إيقاع التنبيهات والاستنفار، كانت التعليمات تأتي من القادة: «إنهم يرصدون تحركاتنا ويلاحظون نقاط ضعفنا ويحددون مخاوفنا، ويرون في كل ثغرة في نظامنا فرصة، قريبا سيضربون ضربتهم كونوا مستعدين يقظين، رصوا الصفوف استحضروا مبادئ الحركة وشهداء حراك المدرجات لا تراجع لا تراجع».
ليست المرة الأولى التي تقدم فيها حركة «الإلتراس» ضحايا، ففي كل مباراة كدمات وعاهات ونكسات، لا يملك الرفاق سوى صورة الفقيد التي تتصدر منصات التواصل الاجتماعي مقرونة بصفة «شهيد».
دعوهم يجسدون شعار «بالروح بالدم نفديك»، لا تبكوا الراحلين الذين لا يملكون إلا صورا في تنقلات وحضورا في «كورطيج» ووقفات بطولة في المدرجات وهم يشعلون «لفلامات».
انتهى عرس الدم وتفرق الجمع وعاد المشجعون إلى قواعدهم حزانى، فيما تكلف الأهالي بإحصاء خسائر الأرواح والعتاد.
تعليقات الزوار ( 0 )